نادرة سل الطيور
يعاني الكثيرون في بريمن من الرشح والسعال، ومنهم تانيا د. ذات ٤٢ ربيعاً، فهي تعاني بالإضافة لذلك من الروماتيزم وتتناول العديد من الأدوية التي تقوم بتثبيط مناعة الجسم.
بعد زيارتها لطبيب أمراض الأذن والأنف والحنجرة شُخِص لها خراج في البلعوم، مما استوجب ذهابها إلى المشفى. عند وصولها للمشفى وفحصها من قبل الأخصائيين لوحظ وجود تورم غير نموذجي على الجدار الخلفي للبلعوم. هنا تم وضع التشخيص التالي: التهاب حلق حاد ويستوجب العلاج بجرعات عالية من الصادات الحيوية وبالرغم من ذلك لم يتراجع التورم وازداد حجمه، مما استدعى الشك بوجود خراج يستطب تفجيره. أثناء العمل الجراحي لم يبدو هذا التورم كخراج نموذجي. تم إرسال العينة المأخوذة إلى التشريح المرضي بسبب الشك بوجود لمفوم.
تبين بالفحص النسيجي عدم وجود لمفوم وإنما لوحظ وجود أثر خفيف لفيروس ابشتاين بار. اعتقد أطباء الروماتيزم أن الآلام القوية التي تشكو منها المريضة قد تكون نتيجة هجمة حادة للروماتيزم. بفحص الركبة بالايكو تبين وجود التهاب الغشاء الزليلي مع انصباب في مفصل الركبة، وهذا مايتناقض عادة مع الروماتيزم. كل الدلائل تشير إلى وجود حالة انتانية.
قام الأطباء الأخصائيين بفحص المريضة لمدة ثمانية أيام متتالية بشكل كامل ودقيق. في نهاية الأمر شك الأطباء بوجود داء ويبل حيث تصاب المعدة بنوع معين من الجراثيم وتحرض هجمة من هذا النوع. تعيش الجراثيم المسببة لداء ويبل في العادة في مخاطية الفم، في بعض الأحيان تهاجر هذه الجراثيم إلى المعدة والأمعاء الدقيقة وإلى العديد من المفاصل حيث تسبب هناك التهاب حاد يعرف بداء ويبل. وهو يميل لإصابة الأشخاص مضعفي المناعة. قام الأطباء بأخذ عينات من المعدة والأمعاء. لكن كانت النتيجة مخيبة للآمال حيث لم يتم العثور على أي أثر لهذه الجراثيم.
بعد إجراء العديد من الدراسات لم يتبين وجود دليل على إنتان ما. وكما هو معروف أن للروماتيزم أكثر من ٢٠٠ نوع مماجعل الأطباء يشكون بأن السيدة تانيا مصابة بأحد هذه الأشكال، فقاموا ببزل مفضل الركبة على أمل العثور على أثر ما لإحدى الجراثيم المسببة. بعد هذه الدراسات تم تخريج المريضة إلى المنزل بانتظار نتيجة التحاليل. يوم بعد يوم ازدادت حالة المريضة سوءاً.
لم تشكو السيدة تانيا فيما سبق من آلام حادة كالتي تعانيها الآن، حيث لم تعد قادرة على الصعود والنزول على الدرج. تم زيادة جرعة أدوية الروماتيزم دون تحقيق النتيجة المرجوة. وكانت نتيجة فحص السائل المبزول من مفصل الركبة محيرة، حيث لوحظ وجود نوع معين من الجراثيم التي لاتتواجد عادة إلا عند الحيوانات. للتأكد من التشخيص والوصول إلى تشخيص نهائي تم استئصال الغشاء الزليلي لمفصلي الركبة والورك. (الغشاء الزليلي يتم تشكله من جديد).
أبدت نتيجة التحليل وجود نفس النوع من الجراثيم، سل الطيور التي تنتقل عادة من خلال الرذاذ الفموي وتدخل عند وجود جرح مفتوح. الآن تم وضع التشخيص النهائي. هذه الجراثيم المعروفة ب (متفطرة الطيور) هاجرت من البلعوم حيث تواجد (الخراج) إلى مفصل الركبة عن طريق الدم مسببة حدوث الالتهاب الحاد. غالباً ماتكون الجراثيم قد انتقلت للمريضة من خلال الرذاذ الفموي لأحد المرضى عند مراجعتها لعيادة الطبيب لأول مرة. عادة هذه الجراثيم المنتقلة بالرذاذ الفموي لاتسبب أية أذية مالم يكن هناك ضعف في مناعة المريض. تم علاج السيدة تانيا بالصادات الحيوية المناسبة (مايسمى بالعلاج الثلاثي) بجرعات عالية وتحسنت حالتها الصحية فيمابعد.
المشاركين في المقابلة: البروفسور الدكتور إركولة دي مارتينو، الدكتور إنغو أرنولد رئيس قسم الجراحة العظمية والإسعافية في مركز الأمراض الرثوية التخصصي في مستشفى الصليب الأحمر في بريمن، كريستينا هيلبريشت استشارية بالأمراض الرثوية في مركز الأمراض الرثوية التخصصي في مستشفى الصليب الأحمر في بريمن.